الاثنين، 21 يناير 2008

نحو ثقافة إنترنت مجتمعية


نحو ثقافة إنترنت مجتمعية :


غواية الأطفال والتحرش الجنسي بهم في غرف الدردشة، و قصص الحب الوهمية التي يقع بها المراهقون، وجرائم النصب والاحتيال و انتشار المواقع الإباحية وإدمان الإنترنت، وغيرها الكثير الكثير من الممارسات التي تحدث في كل لحظة وحين في مجتمع الإنترنت الكبير المتنوع والمتنامي و الممتد في هذا العالم الرحب.



هذه بعضاً من الأمور التي دفعتني لتصميم هذا الموقع : موقع ثقافة الإنترنت المجتمعية يهدف إلى توعية وتوجيه أفراد الأسرة العربية نحو استخدام أمثل للإنترنت من خلال توعيتهم بإيجابيات الإنترنت والآفاق التي تفتحها لهم ، وبسلبيات الإنترنت ومخاطرها حتى يتحقق للأسرة العربية استخدام آمن للإنترنت .



م।هناء الرملي
مديرة ومصممة مجموعة مواقع هناء نت
مؤسسة برنامج ثقافة الإنترنت المجتمعية
http://www.hanaa.net/
انطلق الموقع بتاريخ 25 ديسمبر 2006॥وهو أحد


مجموعة مواقع هناء نت المعروف بـ هناء نت التواصل الإنساني الاسمى عبر الإنترنت ॥ والذي انطلق منذ عام 1999॥وحقق المرتبة الأولى بين المواقع العربية ।

الأحد، 20 يناير 2008

ماما ॥ مين تشي جيفارا ؟




"ماما ॥ مين تشي جيفارا ؟"॥




م .هناء الرملي


فوجئت بهذا السؤال المباغت ذات مساء، من ابني المراهق ، لقد كبر وكبرت أسئلته، لطالما كنت مرجعاً موثوقاً به لأبنائي كأي أم على هذه الأرض ،عليها أن تكون حاضرة البديهة والمعرفة لتساؤلات الطفولة المباغتة الحافلة بالحيرة والدهشة والفضول ،بدءاً من سؤال الطفولة الملح :" ماما كيف انا خلقت؟" وحتى سؤاله المباغت في هذه اللحظة :"مين تشي جيفارا؟"، تابع قائلاً : "صورته على التي شيرتات وين ما كان ، شو السر ؟ ".



عادت بي الذاكرة لفضوله الطفولي و أسئلته البسيطة إلى حد تستعصي عليها الإجابات ، كم كنت أستثمر كل هذا لأعزز داخلهم حب الإطلاع والقراءة ، أجيبهم بما أمتلك من معرفة ،وأعدهم بإجابات أوفر لتساؤلاتهم في فسحتهم الأسبوعية المحببة إلى إحدى المكتبات الكبرى في عاصمة عربية كبرى حيث كنت أقيم ।

وفي قسم كبير خاص بكتب الأطفال المتنوعة ، يبحثون بمرح ولهفة بين أرفف المكتبة وصفحات الكتب عن إجابات لتساؤلاتهم ، يتصفحون الكتب على مقاعد مخصصة للقراءة على شكل ألعاب جذابة زاهية الألوان ، لينتقي كل واحد منهم كتابه الأسبوعي।

"ماما ما جاوبتيني ॥!! "..

أعادني بعبارته هذه من ذكريات الماضي، محدقة في عيونه التي تفيض براءة وشقاوة ، سنوات المراهقة لم تغير بهما شيئاً ، مثلما غيرت في وجهه، تلك الشعيرات التي ظهرت على خديه وخشونة صوته وقامته التي تجاوزت قامتي بكثير ، أجبته بما أملته علي معرفتي وذاكرتي ،وتوقفت برهة، هل أعِدهُ بزيارة للمكتبة لشراء كتاب يحتوي معلومات مفصلة عن تشي جيفارا كما كنا نفعل فيما مضى ، أم ؟ أم نلجأ إلى جوجل ؟؟

جوجل ـ محرك البحث العملاق على الإنترنت ـ قدم لي الإجابات على شاشة من ذهب، نعم خلال جزء من الثانية ظهرت نتائج البحث عن كلمة جيفارا 618,000 صفحة على الإنترنت ، تحتوي معلومات عن جيفارا ، كان أولها موقع موسوعة ويكيبيديا : "إرنستو جيفارا دِ لا سيرنا (14 مايو 1928 - 9 أكتوبر 1967) - ثوري
كوبي أرجينتيني المولد، كان رفيق فيديل كاسترو। يعتبر شخصية ثورية فذّة في نظر الكثيرين"




تدفق معلوماتي كبير في صفحة واحدة وروابط متشعبة للمزيد والمزيد من المعلومات، من سيرة حياة تشي جيفارا نجد اسم فيديل كاسترو ، هل تريد أن تعرف من هو فيديل كاسترو ؟॥ ماعليك سو الضغط على اسمه ليتدفق لك المزيد من المعلومات..

كانت عيونه على شاشة الكمبيوتر تمسحها بقراءة سريعة، تماما كمن يقلب سريعاً صفحات كتاب بيديه ،ثم التفت إلي قائلاً بحماس: "حتماً سأجد كتاباً عن حياة تشي جيفارا في المكتبة".



م।هناء الرملي



كاتبة وباحثة متخصصة في مجال ثقافة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات
مصممة ومديرة مجموعة مواقع هناء نت

ملاحظة تم نشر هذا المقال في جريدة الدستور الأردنية

شعارات "مرشحة" .. أم هلوسات؟!


شعارات "مرشحة" ॥ أم هلوسات؟!


م।هناء الرملي



توافقت هلوسات الرِِِِِِِِِِِِشح(الزكام) التي انتابتني ، مع شعارات مرشحي الإنتخابات النيابية التي تحفل شوارعنا بها ، كوني "مرشحة" بالمعنى العامي للكلمة، مع ارتفاع الحرارة، تماماُ كحرارة الإنتخابات النيابية هذه الأيام ، وهذه هي شعاراتي :


@إنترنت مجانية وأجهزة كمبيوتر في كل بيت وصف مدرسي ومكتبة وشارع ।"وينه بيل جيتس العرب عنا ؟! "




@جهاز كمبيوتر محمول لكل طالب مدرسي وجامعي، و"فلاش ميموري"عوضا عن الحقيبة المدرسية المثقلة بالكتب।" والله حرام اطفال مثل الورد بعاهات صحية"




@موقع شخصي لكل مواطن ومدرسة وجامعة وجمعية ومؤسسة।" دليل هانف ورقي لايكفي".




@لا فرق بين الإناث والذكور في تصفح مواقع الإنترنت ।" يا بابا يا ماما سامعين " .




@نحو إستخدام إنترنت مثالي و آمن للأبناء أطفالاً ومراهقين।" الكلام إلك ياجارة" .




@نشر ثقافة الإنترنت المجتمعية بهدف سد الفجوة الرقمية بين الآباء و الأبناء ।" عيب والله خجلتونا امام الجيل الصاعد ".




@نحو رقابة ذاتية على النشر الإلكتروني ।"ماتفهموني غلط ".




@نحو رقابة ذاتية أثناء تصفح مواقع الإنترنت ।"هالمرة افهموني غلط " .




@لا للصياعة والمعاكسات الإلكتروني عبر الإنترنت।" للجدران آذان ، وللإنترنت آذان وعيون " .




@نحو مواطن الكتروني على مستوى الحكومة الالكترونية المنتظرة ।"باعتبار أننا شعب متفائل دوماً"।




@دورات تدريبية على الكمبيوتر على نظام التحق وتفوق بدورة مجانية ، لتحصل على دورات مجانية مدى الحياة ।"ورجونا شطارتكم وقتها ".




@نحو إنترنت عربية هادفة مدروسة منظمة غنية و متكاملة، لو حشدنا واستثمرنا جهود وطاقة الشباب المهدورة على عتبات غرف الدردشة والفيس بوك والمدونات والمنتديات ،و المواقع المسيئة।"شغلوا خيالكم السلبي هالمرة ".




@إنشاء نقابة لخريجي الجامعات والعاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات।"شفتوا كيف انا قريبة من هموم الشباب ومصالحهم".




@جوائز تحفيزية ودعم لكل صاحب ابتكار وبراءة اختراع ।"والله طالعة من قلبي" .




@إنشاء مركز أبحاث ودراسات متخصص باستخدام الإنترنت في مجتمعنا।"والا نخلي الطابق مستور".




@إنشاء قناة فضائية متخصصة بشؤون الإنترنت والتكنولوجيا।"وخلوا أصحاب قنوات الهشك بشك يطقوا ".




@نحو خط هاتفي ساخن للاستشارات الإنترنتية والإلكترونية।"طيب ليش مستغربين بتصير".




@لا لشات الفضائيات وشات الموبايلات يكفينا غرف الشات والماسنجرات ।" فكر بالعقل، بلا منهم كلهم "




@لا لرسائل ال "mms "و ال "sms" والنغمات والرنات المدفوعة الثمن على الموبايل ، كله متوفر مجاناً على مواقع الإنترنت ।"فهمنا والا نعيد ؟"




@عيادة لعلاج إدمان الإنترنت في كل حي تقدم خدماتها بأسعار مخفضة।"بعد كل اللي حكيته اكيد راح يتفشى إدمان الإنترنت ".




@محسوبتكم" المرشحة" خبرة 30 سنة إنترنت। "والله عشنا وشفنا ".




@الحقوق غير محفوظة ، بالإمكان تبني اي شعار "بشرط التنفيذ"।مع احترامي الشديد لكل المرشحين والمرشحات।صدقوني مجرد هلوسات .





م.هناء الرملي


كاتبة وباحثة متخصصة في مجال ثقافة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات



مصممة ومديرة مجموعة مواقع هناء نت
http://www.hanaa.net/



ملاحظة تم نشر هذا المقال في جريدة الدستور الأردنية

السبت، 19 يناير 2008

قاريء أم كاتب الكتروني ؟


قاريء أم كاتب الكتروني ؟



م।هناء الرملي




هل جعلت الإنترنت من كل فردٍ منا كاتباً الكترونياً ،أم قاريء؟


أنها ليست بمعضلة يختلف حولها العلماء ، طالما أن فعلي القراءة والكتابة على الإنترنت متوافقان ،لكن أي منهما يأخذ المنحى الإيجابي ؟ القراءة أم الكتابة ؟




على الرغم مما يقترف البعض أثناء الكتابه على صفحات الإنترنت من كتابة بلغة "الأرابيش" تلك الكلمات العربية بحروف لاتينية ، أو الكتابة باللهجات العربية المحكية ،أم العبارات المبتذلة الخارجه عن حدود الأدب واللباقة ،كذلك اللغة العربيةركيكة أو بأخطاء لغوية وإملائية المتعارف منها والمفاجيء.

بالرغم من كل هذا وذاك ، فإن مجرد فعل الكتابة في مدونة شخصية أو في الفيس بوك ، يوهم صاحبها بأنه قد أصبح شخصية معروفة ، له وكالة أنباء خاصة به ، يعلن من خلالها آخر أخباره ونشاطاته تخرجت ، تزوجت ، سافرت ، رزقت مولوداً، وغيرها من الأخبار ،معززاً إياها بالصور الفوتوغرافية ولا يألوا جهداً بتأمين لقطات فيديو تثبت ذلك،يطرح موضوعاً بزهو المنتصر، وكأن تغييراً سيطرأ على البشرية على إثره، يشعر بنفسه نجماً لامعاً، ويعتقد أنه ما إن يحل بمكان حتى يهرع له المعجبين حامليين "أوتوغرافاتهم" يرجوه كلمة منه وتوقيع ।





إن فكرة المدونات وتدوين اليوميات والتفاصيل ، فكرة غربية المنشأ والمفهوم، حيث يهتم الإنسان الغربي بتدوين تفاصيل حياته ويومياته ليُطلع الغير عليها فيستخلصون منها حكماً وعبر ، وصلتنا في الآونة الأخيرة فأصبحت موضة الكترونية شائعة ،كشيوع موضة البنطلونات الآيلة للسقوط ،مع الفارق فيما قد يكشفا من تفاصيل।





لا أدري أي نوع من التغيير يطرأ على شبابنا ،أهو تغيير إيجابي أم سلبي ؟ أعتقد أنها مسألة تحتاج لدراسة وبحث من أخصائيين ليدرسوا تأثيرها على مجتمعنا العربي ،مجتمعنا الذي يتعاقب فيه مسلسل كتم الأنفاس وحرية التعبير منذ صرخة الحياة الأولى عند الولادة للإنسان وحتى حشرجات فراقه للحياة ، حتى ما واكبتنا الإنترنت وواكبناها ، فكانت للكثير متنفساً رقمياً لتفريغ حمولات من الكبت و الفضفضة والتعبير وإثبات الذات।





قالوا "خلقنا الله بفمٍ واحدٍ وأذنين لنسمع أكثر مما نتكلم" ، لكنه ـ سبحانه ـ خلقنا بعشر أصابع وعينين ، فهل لنكتب بهم على لوحة مفاتيح اكثر مما نقرأ ؟ وأعترف أنا كاتبة هذه الكلمات ،أنني أثناء كتابتي لهذه السطور استخدمت ثمانية أصابع عن تجاهلٍ غير متعمد لاثنين منهم.لكنني أقر واعترف أنني أمارس فعل القراءة اليومي المحبب لدي على الإنترنت أكثر من الكتابة ، ويسبق اعترافي هذا اعتراف ،باني اقترفت وعلى مدى عشر سنوات مضت فعل الكتابة والخربشات بألواني وصخبي على صفحات الإنترنت.لكنني وبصدق أرتاد الأماكن العامة دون هاجس لقاء المعجبين الذي اعترف انه يروق لي إن تصادف وحدث ..



م।هناء الرملي
كاتبة وباحثة متخصصة في مجال ثقافة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات
مصممة ومديرة مجموعة مواقع هناء نت



ملاحظة تم نشر هذا المقال في جريدة الدستور الأردنية

ذوو .. الفيس بوك

ذوو .. الفيس بوك



م।هناء الرملي

هو :أنتِ بالفيس بوك ؟
هي: فور شور.
هو:طيب آد مي.
هي:أوكى اليوم بعملك آد.
هو: على فكرة أنا آدمين على ثري جروبس .
هي: ريلي؟ اليوم بفتح بروفايلك وبشوفهم وبعملهم جوين.
هو: كمان انفايت يور فريندز تو جوين جروباتي.

حوار يدور في كل مكان لكنه فقط في هذا الزمان ، زماننا السريع المتغيرات والتقليعات على الإنترنت ، فمن غرف الشات الى منتديات الحوار ثم الهاي فايف والماي سبيس والمدونات وأخيرا تقليعة الموسم "الفيس بوك"।

الفيس بوك، وما أدراك ما الفيس بوك؟، هو موقع لشبكات العلاقات الاجتماعية من ابتكار شاب أمريكي من جامعة هارفارد، عمره 23 عاماً فقط، واسمه "جوكر بيرج"، وتقدر ثروته بالملايين ومن المتوقع أن تصل الى المليارت بعد ماقدر ثمن الموقع بست مليارات دولار، حيث يتنازع العمالقة جوجل ومايكروسوفت لشراؤه او شراء بعضاً من حصصه।

ما إن تصبح عضواً في الفيس بوك حتى تدرك كم هي العلاقات الاجتماعية متشابكة ومتداخلة ، حتى باتت الإنترنت ـ إضافة لكونها شبكة معلومات دولية ـ شبكات من العلاقات الإجتماعية المحلية منها و الدولية ، تقرب البعيد و تبعد القريب ।فقد يلحظ ذو"الفيس بوك" غياب صديقه وغياب مشاركاته وتفاعله ولا يلحظ غياب أخيه عن المنزل ، وقد يلبي دعوة حضور حفل ما وجهت له بالفيس بوك وينسى تلبية دعوة جدته على الغداء .و قد يلفت انتباه اشارة بوك poke وجهت له من أحدٍ ما ، ولا يلتفت لمن يشده من قميصه ويصرخ :"بابا".

حين أفكر بالفيس بوك ومن أين اُشتقت وأتت هذه التسمية،فترجمتها الحرفية بلغتنا العربية هي "كتاب الوجه"، يحضرني مجموعة من الأمثال الشعبية من تراثنا الجميل ،"الكتاب باين من عنوانه "، و"سيماهم في وجوهم" ،و"اللي انكتب على الجبين لازم تشوفه العين" ، لوجوه وعيون ذوو الفيس بوك سمات خاصة تدركها حين تكون ضليعاً بالفيس بوك، فالحملقة في الوجوه مع ابتسامة خفيفة في الأماكن العامة هي سمة من سمات ذوي الفيس بوك ، تعرفهم من ذلك التساؤل المكرر في عيونهم : "هل رأيت هذا الوجه في الفيس بوك من قبل ؟"


وكم من الشباب انغمسوا بالفيس بوك، أصدقاء مجموعات نشاطات حفلات برامج صور وفيديو وأبراج والعاب وموسيقى وملفات فيديو وبطاقات وكاريكاتورات والأخبار والهدايا،ترى كم واحد منهم حُرم في حياته الواقعية من السكن والعمل والصداقات والترفيه؟
هل تعكس صفحات ذوي الفيس بوك وبروفايلاتهم حقيقتهم وواقعهم كمرآة خالية من الخدوش والشروخ ، أم تعكس واقع مخيلاتهم واللاوعي لديهم؟ هل هو نوع من التجمُل الالكتروني المباح طالما لا يؤذي الغير ، تماماً كما هو التجمل الاجتماعي في الواقع ، ليكون كما يحب أن يكون ॥ الشخص الاجتماعي المحبوب المهيوب ॥ المهضوم الطيبوب।

م।هناء الرملي
كاتبة وباحثة متخصصة في مجال ثقافة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات
مصممة ومديرة مجموعة مواقع هناء نت
http://www.hanaa.net/

ملاحظة تم نشر هذا المقال في جريدة الدستور الأردنية

صور في قفص الإتهام

صور في قفص الإتهام


م।هناء الرملي



قالوا: "رُب صورة بألف كلمة"،و قالوا :"الصورة خير برهان"،بالرغم من هذا فإن الصورة ـ في عصرنا الرقمي هذا ـ أصبحت متهمة ،بعد أن اُنتهكت براءتها بالتزوير والفبركة ،حتى أنها تطلق الشائعات وتقترف الجرائم ،فتحولت من دليل للحقائق إلى ضلالٍ مبين ،ومن أداة إثبات وتوثيق إلى شاهد زور ،الصورة متهمة حتى تثبت براءتها ،فكم من الجرائم تُرتكب وكم من الحقوق تُنتهك وكم من شرفٍ رفيعٍ لم يسلم من الأذى ।







فكم نسمع عن تركيب الصور الرقمية بطرق مخلة بالأخلاق باستخدام برامج كالفوتوشوب ، و التي سببت من المشاكل والفضائح لشخصيات معروفة او مغمورة ، لكن التقنيات الحديثة في كشف تزييف الصور أصبحت متقدمة ، وقد سنت قوانين عقوبات لمرتكبيها । هو عصر التكنولوجيا الذي ما إن تبتكر تقنية جديدة فيه حتى يوجد لها جرائم ومجرمين فتبتكر تقنيات لكشفها وتسن لها القوانين .










ومن التلاعب بالصور والحقائق أطرفها ،ما تم نشره مؤخراً من صور للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أثناء إجازته وهو في كامل رشاقته بعد أن حذفت زوائد ونتوءات شحمية عن خصره ،كذلك صورة وزير الصحة البريطاني التي نشرت وهو يفتتح مستشفى جديد مع حشد من الحضور لأنه كان يرغب بالحضور لكنه لم يتمكن ، فتم إضافة صورته إلى صور الافتتاح ।





في متحف الإتصالات في مدينة برن السويسرية تُعرض مجموعة كبيرة من الصور المفبركة إلى جانب الصور الأصلية ،يهدف المعرض إلى إيقاظ الحس النقدي والتفكير المنطقي التحليلي تجاه الصورة .إحدى هذه الصور انتشرت وشاعت عبر الإنترنت باعتبارها الصورة الأخيرة الملتقطة لسائح شاب على سطح مركز التجارة العالمي في هجمات 11 سبتمبر ،حيث يظهر الشاب مبتسماً للكاميرا وخلفه إحدى الطائرات وهي تدنو من البناء لاختراقه ،وقد تحولت إلى صورة ذات دلالات عالية ،ثم اتضح فيما بعد أن الصورة مفبركة وهي مجرد دعابة من أصدقاء هذا الشاب .

مشهد مقتل الطفل محمد الدرة عام 2000 أمام عدسات كاميرا مصور وكالة الأنباء الفرنسية ،و الذي شكل صدمة وذهول للرأي العام العربي والعالمي. وكان دليلاً حيًا على جرائم الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين العُزل،هذا المشهد الذي زُرع بذاكرتنا وضمائرنا ،وصراخ أبيه:"الولد مات، مات الولد" مسكوناً فينا ، تم مؤخراً رفع دعوى قضائية في فرنسا ،من قبل رجل أعمال يهودي بزعم أن الدرة طفل يهودي قُتل برصاص مسلحين فلسطينيين، في محاولة لاجتثاث هذه الصورة من العقول ،بعد أن تمت عملية فبركة للمشاهد بإضافة القبعة الدائرية التي يرتديها اليهود عادة فوق رؤوسهم على رأسي الدرة و أبيه ، وقد فرضت المحكمة عليه غرامة لإدعائه الكاذب بعد كشف عمليات التلاعب .لكنه تقدم ياستئناف للقضية.

علمتنا الصور الرقمية وألاعيبها أن نثير في داخلنا علامات الاستفهام قبل علامات التعجب والدهشة ، وأن نتحقق مما نراه قبل أن نحكم ، قد لا تملك عيوننا تقنيات الكشف عنها، لكنها تملك في حكمها منطق العقل والذكاء ।

م।هناء الرملي
كاتبة وباحثة متخصصة في مجال ثقافة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات
مصممة ومديرة مجموعة مواقع هناء نت
http://www.hanaa.net/
ملاحظة تم نشر هذا المقال في جريدة الدستور الأردنية