السبت، 19 يناير 2008

قاريء أم كاتب الكتروني ؟


قاريء أم كاتب الكتروني ؟



م।هناء الرملي




هل جعلت الإنترنت من كل فردٍ منا كاتباً الكترونياً ،أم قاريء؟


أنها ليست بمعضلة يختلف حولها العلماء ، طالما أن فعلي القراءة والكتابة على الإنترنت متوافقان ،لكن أي منهما يأخذ المنحى الإيجابي ؟ القراءة أم الكتابة ؟




على الرغم مما يقترف البعض أثناء الكتابه على صفحات الإنترنت من كتابة بلغة "الأرابيش" تلك الكلمات العربية بحروف لاتينية ، أو الكتابة باللهجات العربية المحكية ،أم العبارات المبتذلة الخارجه عن حدود الأدب واللباقة ،كذلك اللغة العربيةركيكة أو بأخطاء لغوية وإملائية المتعارف منها والمفاجيء.

بالرغم من كل هذا وذاك ، فإن مجرد فعل الكتابة في مدونة شخصية أو في الفيس بوك ، يوهم صاحبها بأنه قد أصبح شخصية معروفة ، له وكالة أنباء خاصة به ، يعلن من خلالها آخر أخباره ونشاطاته تخرجت ، تزوجت ، سافرت ، رزقت مولوداً، وغيرها من الأخبار ،معززاً إياها بالصور الفوتوغرافية ولا يألوا جهداً بتأمين لقطات فيديو تثبت ذلك،يطرح موضوعاً بزهو المنتصر، وكأن تغييراً سيطرأ على البشرية على إثره، يشعر بنفسه نجماً لامعاً، ويعتقد أنه ما إن يحل بمكان حتى يهرع له المعجبين حامليين "أوتوغرافاتهم" يرجوه كلمة منه وتوقيع ।





إن فكرة المدونات وتدوين اليوميات والتفاصيل ، فكرة غربية المنشأ والمفهوم، حيث يهتم الإنسان الغربي بتدوين تفاصيل حياته ويومياته ليُطلع الغير عليها فيستخلصون منها حكماً وعبر ، وصلتنا في الآونة الأخيرة فأصبحت موضة الكترونية شائعة ،كشيوع موضة البنطلونات الآيلة للسقوط ،مع الفارق فيما قد يكشفا من تفاصيل।





لا أدري أي نوع من التغيير يطرأ على شبابنا ،أهو تغيير إيجابي أم سلبي ؟ أعتقد أنها مسألة تحتاج لدراسة وبحث من أخصائيين ليدرسوا تأثيرها على مجتمعنا العربي ،مجتمعنا الذي يتعاقب فيه مسلسل كتم الأنفاس وحرية التعبير منذ صرخة الحياة الأولى عند الولادة للإنسان وحتى حشرجات فراقه للحياة ، حتى ما واكبتنا الإنترنت وواكبناها ، فكانت للكثير متنفساً رقمياً لتفريغ حمولات من الكبت و الفضفضة والتعبير وإثبات الذات।





قالوا "خلقنا الله بفمٍ واحدٍ وأذنين لنسمع أكثر مما نتكلم" ، لكنه ـ سبحانه ـ خلقنا بعشر أصابع وعينين ، فهل لنكتب بهم على لوحة مفاتيح اكثر مما نقرأ ؟ وأعترف أنا كاتبة هذه الكلمات ،أنني أثناء كتابتي لهذه السطور استخدمت ثمانية أصابع عن تجاهلٍ غير متعمد لاثنين منهم.لكنني أقر واعترف أنني أمارس فعل القراءة اليومي المحبب لدي على الإنترنت أكثر من الكتابة ، ويسبق اعترافي هذا اعتراف ،باني اقترفت وعلى مدى عشر سنوات مضت فعل الكتابة والخربشات بألواني وصخبي على صفحات الإنترنت.لكنني وبصدق أرتاد الأماكن العامة دون هاجس لقاء المعجبين الذي اعترف انه يروق لي إن تصادف وحدث ..



م।هناء الرملي
كاتبة وباحثة متخصصة في مجال ثقافة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات
مصممة ومديرة مجموعة مواقع هناء نت



ملاحظة تم نشر هذا المقال في جريدة الدستور الأردنية

ليست هناك تعليقات: