الأربعاء، 24 أغسطس 2011

"الفيسبوك": فضاء يشعل نار الثورات العربية ويحجز مكانا للباحثات عن الجمال

تحقيق صحفي في صحيفة الغد الاردنية

نساء يتسوقن عبر موقع التواصل الاجتماعي رغبة في الحصول على البضائع النادرة

"الفيسبوك": فضاء يشعل نار الثورات العربية ويحجز مكانا للباحثات عن الجمال








ديما محبوبه

عمان- رغم كثرة الأسواق والمراكز التجارية المترامية هنا وهناك في بقاع مختلفة من الوطن العربي، غير أن التجارة عبر المواقع الإلكترونية، باتت لها نكهة مميزة عند كثير من النساء، وأخذت تلقى رواجا عند العديد من الأردنيات، لاسيما أن ما يعرض عبر الإنترنت، وخصوصا على "الفيسبوك"، من ملابس وإكسسوارات وحقائب ومستلزمات منزلية، غالبا ما تكون بضائع نادرة، أو بكميات محدودة، الأمر الذي يزيد التسارع في الحصول عليها قبل نفاد الكمية.
وإن كانت هذه البضاعة تأخذ أعلى مواصفات التقليد من الماركات العالمية وبأسعار مقبولة، أو في حال كانت ماركات أصلية، فقد غدت تجارة رائجة تحقق مكاسب لمن يعمل فيها، إذ لم يعد موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" ميدانا للترفيه وإشعال الثورات وقلب الحكومات وحسب، بل مصدر رزق لأسر كثيرة من جهة، ولتسهيل عملية التسوق على عديدات من جهة أخرى.
وقت لا بأس به تقضيه العشرينية علا الشلبي وهي تشاهد عددا من الإعلانات والترويج لبضائع ومستلزمات منزلية وبأسعار مناسبة على "الفيسبوك"، والأهم من ذلك أنها بكميات قليلة وليست بمتناول الجميع، وفق قولها.
الشلبي، التي ستدخل عش الزوجية قريبا، تهتم بكل ما يعرض على الإنترنت، وخصوصا على موقع التواصل الاجتماعي، إذ عملت على التواصل مع المعلنة عبر صفحتها الخاصة على "الفيسبوك"، والتي في الغالب تتواجد على صفحتها للتواصل مع عملائها وتلبية طلباتهم، والإجابة عن استفساراتهم حول ما تعرضه من منتجات تحضرها من عدة دول عربية وغربية؛ كالصين ولبنان وأميركا وفرنسا وماليزيا.
أما بيان الخالدي، فترى أن البضاعة المعروضة عبر "الفيسبوك"، تتميز بكونها غير متوفرة في المحلات التجارية التي تتعامل معها في العادة، والمعروض منها يكون إما بأسعار باهظة الثمن وبكميات محدودة؛ كالحقائب والمكياج والملابس.
وحول ما يدفعها للتسوق عبر "الفيسبوك"، تقول الخالدي إن وقتها وظروفها لا يسمحان لها بالخروج إلى السوق لشراء مستلزماتها، "فوجدتُ في المواقع الإلكترونية ما يسد احتياجاتي، خصوصا أن هؤلاء الفتيات التاجرات يبعن في بيوتهن في المعظم، فيكون من السهل الذهاب وأخذ راحتي في مشاهدة المعروضات وانتقائها عن طريق الإنترنت بعد أخذ موعد".

خبيرة التكنولوجيا هناء الرملي، تبين أن العالم بالفعل أصبح قرية صغيرة والوصول إلى الجميع يكون بشكل ميسر وسهل؛ ولأن شبكة الإنترنت أصبحت متواجدة في كل مكان، فلا ضير من استخدامها من قبل الصغير والكبير والأنثى والذكر.
وتلفت الرملي إلى أنه درجت العادة في بداية أي أمر أن يتخبط الناس ويأخذون وقتا حتى يعتادونه، وهو ما حصل بداية استخدام "الفيسبوك"، حيث كان يستخدم للتسلية، مشيرة إلى أنه عند بداية انتشاره في العالم العربي استعمل للتعرف على الشخصيات المعروفة مثل الممثلين وغير ذلك، "ولكن بعد ذلك، فقد تم استغلاله للتواصل مع الأقارب المغتربين، واليوم هو للثورات ولكسب الرزق والتجارة".
وجاء في الإحصاءات المنشورة على الموقع الإلكتروني العالمي (www.checkfacebook.com) أنّ عدد مستخدمي "الفيسبوك" في الأردن بلغ مع نهاية الأسبوع الماضي قرابة 1.7 مليون مستخدم، بزيادة 700 ألف مستخدم وبنسبة تصل إلى 70 % مقارنة بعدد المستخدمين المسجل نهاية العام الماضي عندما طرق لأول مرة قاعدة المليون مستخدم.ومع تجاوز قاعدة مستخدمي "الفيسبوك" هذا العدد، فذلك يعني أن مستخدمي هذه الشبكة أصبحوا يشكلون ثلاثة أرباع مستخدمي الإنترنت في الأردن المقدر عددهم بحوالي 2.3 مليون مستخدم.
ووفقا لإحصاءات (www.CheckFacebook.com)، انقسم عدد مستخدمي "الفيسبوك" في الأردن بحسب الجنس بين 941 ألفا من الذكور شكلوا نسبة 58 % من إجمالي مستخدمي "الفيسبوك" في المملكة، وكانت النسبة الباقية التي تصل إلى 42 % للإناث بعدد مستخدمات بلغ 672 ألف مستخدمة.


ومن النساء اللواتي وجدت أنها تريد العمل وإثبات ذاتها بطريقة محببة لها ومريحة، ولها رواج بين الفتيات، وهي بيع الملابس واحتياجات الأنثى من مسلتزمات تجميل وحقاب وأحذية على الفيسبوك، هبة عبدالهادي، التي لاحظت أن بضاعتها التي تقوم ببيعها من منزلها، تجد قبولا عند معارفها وبعض صديقاتها، وأصبحت تعمل بشكل أوسع ووضع جميع البضاعة بـ"جروب" مخصص لها والعمل على نشره بشكل أوسع على الموقع.
ونظرا لارتفاع أسعار الإيجار الخاصة بالمحلات، فلم تفكر هبة في أن يكون لها محل تجاري في الوقت الراهن، إضافة إلى التكاليف الأخرى كرواتب الموظفين وغيرها، فقررت أن تنطلق من المواقع الإلكترونية كالفيسبوك.وحول تجربتها بالتجارة عبر موقع التواصل الاجتماعي، توضح "قررت عرض منتجاتي عبر "الفيسبوك" كونه موقعا مجانيا وتفاعليا بشكل سريع، إضافة إلى عدد الزوار الكبير، فخلال ثمانية أشهر، استطعت أن أكوّن عملاء للصفحة وأستقبل طلباتهم، فأكثر الطلبات التي أستقبلها تتمحور حول الحقائب والفساتين والإكسسوارات".
وتستورد هبة بضاعتها من مناطق متعددة؛ كتايلند وماليزيا، بمختلف الماركات العالمية، وأسعار معقولة، وهو ما يعد إرضاء للعملاء.
وعن أهمية العمل للمرأة، وخصوصا ربات البيوت وإيجاد طرق لهن في استخدام التكنولوجيا لإثبات الذات والحصول على مصدر رزق، يرى اختصاصي علم النفس د.جمال الخطيب أن هذا الأمر يجعل من المرأة ذات مكانة عالية، والأمر الذي كان يعمل على تقليص مكانتها هو عدم استقلاليتها المادية والاستعانة بزوج أو أب أو أخ.
ويقول "أما اليوم، فبإمكان المرأة بشتى الوسائل أن تقوم بإثبات أنها امرأة عاملة قادرة على تخطي عقبات معينة في حياتها، تستطيع أن تساعد وتسهم في إنجاح المنزل تربويا واجتماعيا واقتصاديا".
وفي الإطار نفسه، يبين خبير الاقتصاد الدكتور حسام عايش أن العمل من قبل النساء في الوضع الراهن بشتى الطرق سببه هو "تدني المستوى المعيشي عند الجميع، بالإضافة إلى أن هذا الزمن يحتاج لامرأة قوية تشق طريقها لإعالة نفسها وأسرتها".
ويوضح أن التجارة الإلكترونية تعمل على توسيع دائرة السوق المحلية، وكذلك النفاذ إلى الأسواق العالمية وخلق أسواق جديدة، وهو ما كان إيجاده متعذرا في ظل التجارة التقليدية، عازيا ذلك إلى "أن ممارسة التجارة عبر شبكة الإنترنت تجعل المنتجات من السلع والخدمات متاحة لأكبر عدد ممكن من المستهلكين وبأقل تكلفة"، فضلا عن "تبسيط عمليات وإجراءات الشراء"، بالإضافة إلى "إنقاص المخزون؛ لأن المنتجين والمستهلكين يصبحون قريبين جدا من بعضهم بعضا من خلال الاتصال المباشر فيما بينهم".
ويتم تفعيل مفهوم المنافسة الكاملة في سوق "الفيسبوك"، حيث تعمل التجارة الإلكترونية على تقليص المسافات بين المنتجين والمستهلكين ما يتيح التواجد الإلكتروني القريب بين البائع والمشتري، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين مستوى ونوعية المنتج عن طريق خدمات ما قبل وما بعد البيع، وفق عايش.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه شهرة "الفيسبوك"؛ لاسيما بعد تسببه مؤخرا في اندلاع ثورتي تونس ومصر، استطاع أن يحجز هذا الموقع له مكانا لمن يودون عرض منتجاتهم لزبونات يعشقن البضائع النادرة، ولأخريات لا يجدن متسعا من الوقت يقضينه بين ردهات المحلات التجارية للحصول على ما يرغبن.

ليست هناك تعليقات: