الأربعاء، 24 أغسطس 2011

الإساءة للديانات على "الفيسبوك": صفحات تنشد الشهرة عبر استفزاز المشاعر


الإساءة للديانات على "الفيسبوك": صفحات تنشد الشهرة عبر استفزاز المشاعر


ديما محبوبه

عمان- تتعدد أشكال الحض على الكراهية في الزمن الراهن، وتتنوع صورها، فمن العرق إلى اللون إلى الطائفة إلى الشعوبية، تنمو بذور للكراهية يصعب استئصالها، وتضرم حرائق من "مستصغر الشرر" يعجز أبلغ الحكماء عن إطفائها، غير أن بذور الكراهية المرتبطة بالديانات هي الأخطر لأنها تمس المكونات الروحية للفرد، وما يضاعف الخطر؛ هو توظيف أدوات التكنولوجيا لمثل هذا الغرض الخبيث.
والحال أنه باتت تنتشر العديد من الصفحات والجماعات المسيئة للديانات السماوية على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، تحت أسماء وهمية، أو بعناوين تحمل عبارات بذيئة تقدح بالديانات وأنبيائها، ولا هدف منها غير استفزاز مشاعر المؤمنين، عبر نشر صفحات من هذا النوع بأوقات قياسية، لتشمل عددا كبيرا من المشتركين.
ولأن هناك الكثير من الغيورين على دينهم ومعتقدهم، فهم يسعون، في المقابل، إلى إعداد صفحات تناهض وتحارب الأولى، ومنها ما يسميها البعض بـ"الحرب الإلكترونية بين الخير والشر".
الطالب الجامعي خليل عوض، يسعى إلى الرد على أي شخص تسول له نفسه الإساءة للديانات السماوية مهما كان لونها، حيث يقول "هذه أمور يجب أن لا نتحدث عنها إلا بالخير، وأن يدور الكلام حولها بحرص، خوفا من الوقوع بالمحاذير أو مسها بسوء، ولو من دون قصد".
ويضيف أنه يستفز حين يشاهد أحدا يتطاول على الدين الإسلامي مثلا، وينعت الرسل بعبارات نابية ومسيئة، و"كأنه يحارب فيها الله عز وجل".
وتعميما لتوجهاته، يعمل عوض على نشر صفحته بين أصدقائه، كي يسهموا هم أيضا بنشرها وجمع أكبر عدد ممكن من الغيورين على الدين، ومن الحريصين على المحافظة عليه من أي مساس يسيء إليه.
وتعترف العشرينية هلا عيد، بأنها بكت بكاء شديدا عندما فتحت "لينك" بعثت به امرأة لا تعرفها، على صفحتها الخاصة على "الفيسبوك"، لاسيما حين أحست أن المرسلة فتاة تدعي أنها مسلمة، لكن عباراتها لا توحي بذلك، من شدة إساءتها للرسول الكريم وزوجاته.
وتقول "لا يمكن لأي شخص أن يقوم بمثل هذه السلوكات، فأنا أعلم أن هناك أناسا كثيرين بلا دين، لكن من الواجب عليهم أن يصمتوا، وأن لا يسيئوا لأحد، ولا يهتكوا أعراض الناس، ويمسوا الأديان السماوية".
وتبين أنها سعت إلى نشر الصفحة المسيئة التي وصلتها على "الفيسبوك"، وطلبت من صديقاتها أن يرسلن جميعا تقريرا موحدا إلى إدارة "الفيسبوك"، لإعلامها عن وجود هذه الصفحة المسيئة، كي تعمل الإدارة على إغلاقها.


أما خبيرة التكنولوجيا هناء الرملي، فترى أن من الأفضل في حال التعرض لمثل هذه الصفحات، أن يتم تجاهلها؛ لأن قراءتها تلبي المآرب الخبيثة للأشخاص المسؤولين عنها.
وتقول الرملي "هناك الكثير ممن لا تعجبهم الصفحات، وهذا أمر طبيعي، ويعملون على الاشتراك بها لإضافة تعليقاتهم، ومحاربة ما تنشره الصفحة، لكن هذا هو ما يريده صاحب الصفحة".
وتوضح أنه، ومن خلال زيادة عدد المشتركين في صفحة ما على "الفيسبوك"، وكثرة التعليقات عليها، مهما كان نوعها، فيعني ذلك أن هذه الصفحة تنتشر على نحو سريع، ولا يمكن السيطرة عليها، لأنها ستنشر بهذه الطريقة على "غوغل"، وتصبح بالفعل عالمية.
وتنصح الرملي الغيورين على الديانات أن يرسلوا تقريرا لإدارة "الفيسبوك" قوامه أن هذه الصفحة مسيئة إما للدين أو تروج للإباحية، أو تتنافى مع العادات والتقاليد.
وتشير إلى أن هؤلاء الأشخاص يعملون على محاربة الديانات السماوية، لأنهم يلامسون مشاعر المؤمنين لاستفزازهم، للمشاركة بالتعليقات، وهذا ما ينبغي أن يتغير.



بدوره، يرى اختصاصي علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية د.حسين خزاعي، أن السبب في زيادة هذه الصفحات التي تنشر على "الفيسبوك"، وكثرة اقتحام مجهولين للصفحات الشخصية منذ ثلاثة أشهر، يعود للثورات العربية، وانضمام عدد كبير لصفحات "الفيسبوك" بعد الثورات.
أما على المستوى العالمي، فقد زادت قاعدة مستخدمي "الفيسبوك"، وهي الشبكة التي لم يمض على تأسيسها سوى 6 سنوات لتضم مع نهاية الشهر الماضي حوالي 660 مليون مستخدم حول العالم، استحوذت الولايات المتحدة على حصة الأسد منها بحوالي 156 مليون مستخدم، تلتها إندونيسيا في مؤشر عدد المستخدمين بحوالي 36 مليون مستخدم، ثم بريطانيا بحوالي 30 مليون مستخدم، ثم تركيا بحوالي 28 مليون مستخدم.
ومن جانب آخر، يبين خزاعي أن هناك مستجدين يريدون أن يبثوا أفكارهم بقوة، والأهم من ذلك، أنه ومع تطور التكنولوجيا، بات هناك من يقول "أصبحت هناك حرب أفكار على الإنترنت؛ أناس مع وأشخاص ضد، ولأن الفضاء كبير في هذا العالم، فلا بد من وجود العديد من المتطفلين الساعين لتشويه الديانات والعادات والتقاليد".
وفي مضمار علم النفس، يبين د.محمد حباشنة، أن عدد المنضمين لـ"الفيسبوك"، في الآونة الأخيرة، زاد على نحو كبير عالميا، وأصبح متداولا بين المثقفين وعامة الشعب، ما أدى إلى بث كثير من الأفكار والطروحات والمعتقدات، خصوصا في ظل غياب الرقيب، حيث أصبح متاحا أن يشارك المبتدئ والمعادي والكاره لأمر ما.
وفي هذا الجانب، يؤكد الخزاعي أهمية رقابة الأهالي لأطفالهم الذين يجلسون على جهاز الحاسوب، ممن لهم حسابات على "الفيسبوك"، وذلك لتجنب استقبال الأفكار المسمومة والمشاركة فيها.


ليست هناك تعليقات: