الأربعاء، 24 أغسطس 2011

أوباما يقتل بن لادن: لعبة إلكترونية للموت ومضمون خفي لاستلاب عقول الأطفال


تحقيق صحفي في صحيفة الغد الأردنية

ديما محبوبه

عمان- قيل سابقا إن الغالب، دوما، هو من يكتب التاريخ، لأنه من يفرض رؤيته على المهزوم الذي سلب كل شيء، حتى وجهة نظره. واليوم، في عصر التكنولوجيا، بات "الغالب" يصنع "ألعابه" أيضا، ويفرضها على الآخرين، ليرسخ "بطولته" في أذهان الناس.
و"الغالب" اليوم هو الولايات المتحدة الأميركية، أما "المغلوب"، فهو أسامة بن لادن، وأما اللعبة فهي لعبة "مقتل أسامة بن لادن"، التي باتت منتشرة على الشبكة العنكبوتية، وتظهر الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيسين السابقين جورج بوش وبيل كلينتون، وهم يقومون، ثلاثتهم، بقذف المتفجرات على زعيم تنظيم القاعدة.
وتقوم اللعبة، في الأساس، على عناصر العنف والقوة ودقة التصويب، فيما يحاول مستخدم هذه اللعبة إبعاد بن لادن عن المتفجرات التي يقوم الرؤساء الثلاثة بقذفها عليه، غير أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ينتصر في النهاية، وتنتهي اللعبة باعتلائه جسد بن لادن، رافعا العلم الأميركي، دلالة على الانتصار.
والحال، أن هذه ليست هي اللعبة الأولى التي تستهدف فيها أميركا شخصيات عربية، إذ خصصت للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، لعبة شبيهة بالأولى، انتشرت عن طريق الإنترنت، وأصبحت وسيلة للاستقواء على العرب.
وفي مقابل ذلك، هناك كثيرون ممن يرفضون فكرة هذه الألعاب، ومنهم الأربعيني أبو رامي، الذي يقول "فكرة الاستهانة بمثل هذه الشخصيات المنسوبة للعرب تعني استهانة بالعرب أجمعين".
"مثل هذه الألعاب أصبحت هاجسا للدول الغربية، حتى تجتاح بها أسواق المسلمين والعرب"، وفق أبو رامي، الذي يرى أن الأطفال هم الأكثر استخداما لمثل هذه الألعاب، مؤكدا أنها "تسيء إلى الإسلام، فمنها ما يعري الإناث، ومنها ما يعمل على تدمير المساجد وقتل الملتحين، الذين يرمزون إلى المسلمين، بل حتى قتل رؤساء عرب والتطاول عليهم".
ويشاطره الرأي المهندس وليد حطاب، الذي يقول محتدا "تربط تلك الألعاب بشكل مباشر بين الإرهاب والإسلام، وكأن قتل الشخصيات العربية أمر محتم، والسعي وراء هذا القتل واجب، وبطرق مبتكرة، يربى عليها الأطفال عربا وغربا".

وحول انتشار تلك الألعاب عبر شبكات الإنترنت، وفي المقابل قلة انتشار الألعاب العربية، تقول خبيرة التكنولوجيا هناء الرملي "إن هناك العديد من النشطاء العرب الذين استخدموا التكنولوجيا في صناعة عدد من الألعاب التي تشبه الأجنبية، وذلك عبر قلب البطل من عربي ومسلم إلى كلينتون أو بوش مثلا".
غير أن تلك الألعاب لم يتم تداولها والإعلان عنها بشكل مباشر ومعمق؛ لأنها، وفق الرملي، "محاربة" بسبب السياسات العالمية المسيطرة.
وتشير إلى أن الغرب يقومون بالعادة بدعم كل ما يصدر عنهم، ويروجون لذلك عبر حملات إعلانية ضخمة، ما يسهل إقحام سلعتهم للأسواق العربية بكل سهولة، وفي المقابل لا يحصل هذا الأمر للمنتجات العربية.
إلى ذلك، تؤكد الرملي أن عدم استمرارية الألعاب العربية ذات الفكر النيّر في حال صنعها، يكون بسبب ضخامة عدد المستخدمين الأجانب للإنترنت في العالم، مستدركة أن العرب يميلون كذلك لتجريب الألعاب الأجنبية ويتعلقون بها بشكل كبير، ما يحد من ترويجهم لصناعاتهم التكنولوجية.


ويفاجأ العديد من أرباب الأسر عندما يشاهدون أبناءهم؛ شبابا وأطفالا، وهم يعملون على تحميل مثل هذه الألعاب عن طريق "الإنترنت"، خصوصا وأن هذه التسلية قائمة، أحيانا، على هدم مبادئ يتربى عليها الطفل المسلم؛ كاحترام المساجد مثلا، وكأن تلك الألعاب يتم استخدامها لبث سموم معينة، وفق حطاب.
ولأن اللعبة تتجاوز مفهوم التسلية أحيانا، لتحاول إيصال مضمون معين، فإن اختصاصي علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية د.حسين الخزاعي، يؤكد رفضه لمثل هذه التدخلات التي تتسلل بطريقة غير مباشرة إلى العالمين العربي والإسلامي، مبينا أن أي دولة تنشد نشر ثقافتها بسرعة كبيرة، فإن أول من تتوجه إليه هو الطفل، وذلك لسهولة إيصال وترسيخ المعلومة لديه، لأنه لا تتوفر لديه معرفة أو مرجعية، خصوصا في عالم السياسة.
ويلفت إلى أن مثل هذه الألعاب تناسب أطفال بلد المنشأ، لأنها تدعم ثقافتهم وأفكارهم وتوجهاتهم، مشيرا إلى أن الخطورة تكمن في توجيه مثل هذه الألعاب للأطفال في مراحلهم العمرية المبكرة، وهي الفترة التي ينمو فيها عقل الطفل ويبدأ بالتفكير واكتشاف ما حوله.
أما الترفيه الإلكتروني، فيراه الخزاعي من أخطر وأسرع الأساليب انتشارا؛ لأن أسلوبه يجذب الطفل ويشده، خصوصا في الوسائل المعنية بالتأثير على الفكر، والمصيبة تكمن في أن عملية الرقابة الرقمية والعنكبوتية تصعب السيطرة عليها.
ونظرا للعلاقة الوطيدة بين هذه الألعاب والتربية، فإن التربوي د. محمد أبو السعود يستهجن السماح بدخولها إلى العالمين العربي والإسلامي، جراء عدم انسجامها نفسيا وتربويا ودينيا مع مناخات هذين العالمين.
ويذهب أبو السعود أبعد من ذلك، ويؤكد ضرورة الوقوف ضد هذا الغزو والعدوان المعرفي على الأطفال، من خلال السعي لإيجاد أسرة صالحة، ومعلم قادر على مساعدة الأهل في التربية، وكذلك عبر وجود إمام مسجد واع؛ لأن هذه الأطراف، جميعها، تسهم في تربية الطفل وتحصين مداركه.
أما عن إغراءات هذه الألعاب، فيراها اختصاصي علم النفس د.محمد الحباشنة سببا كبيرا في الاستئثار باهتمام الأطفال، خصوصا الذكور منهم.
ويضيف أنها تسبب إدمان الأطفال على الإلكترونيات، ومن خلالها يتم تمرير أي فكرة أو معلومة بسهولة، ما يؤدي إلى تطبعه بـ"سمّيّة" هذه الأفكار والأخلاق المدسوسة، لافتا إلى أن جزءا كبيرا منها "يحفز الغرائز الجنسية لدى الطفل، ويشبعه بتعاليم ضد الإسلام".
الخزاعي يؤيد رأي الحباشنة، أيضا، بقوله "إن مضمون هذه الألعاب هو بمثابة تسريب لأفكار سامة ومدروسة، هدفها الأساسي هو الغزو الثقافي، وأرى أنه أصعب من الغزو العسكري، لأنه يخترق خصوصية المجتمعات ويؤذيها".
وهذا الأمر، تحديدا، هو ما يجعل أبو السعود يؤكد ضرورة مراقبة الأهل لأطفالهم عند استخدامهم لهذه الألعاب، والتي يمكن أن تكون قاضية على "فكره وعلمه وفطرته"، لافتا إلى أن على الأهل مسؤولية مناقشة أبنائهم فيما يمكن أن يكون مفيدا لهم، من خلال ممارستهم هذه اللعبة.
كما يؤكد الخطورة الكبيرة التي تقع على الأطفال من ذوي الهوس بكل ما هو جديد، ومن دون الاكتفاء بلعبة واحدة.
ومثل هذه الألعاب، يراها أبو السعود ذات تأثير بعيد على أخلاق الطفل وتنشئته، مبينا أنها تتدخل في المعايير الأخلاقية والدينية، ناصحا الأهل بمراقبة ألعاب أطفالهم قدر الإمكان.

ليست هناك تعليقات: