الخميس، 27 ديسمبر 2018

التنمر الإلكتروني..‘‘تعذيب‘‘ نفسيّ يختبره المراهق على منصات التواصل! رأي هناء الرملي

عمان – “ناصحة، دبدوب، بتخوف”.. هذه الكلما هي جزء مما كانت تسمعه وتقرأه “حنين” على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا عند نشر صورة جديدة لها”.
حنين التي كانت بعمر الثالثة عشرة عندما اشتركت في موقع الفيسبوك أول مرة، تقول إنها تعرضت لإساءات من مختلف الأشكال بسبب وزنها الزائد.
لجأت حنين لإغلاق صفحاتها مدة عامين، بسبب ما تعرضت له من إساءات، مشيرة إلى أنها اشتكت أكثر من مرة لمعلماتها من الأمر، إلا أنهن لم يتخذن إجراءات حاسمة، الأمر الذي دفعها إلى الانعزال والوحدة، حتى أنها ابتعدت عن النشاطات العائلية بشكل كبير جراء هذا الأمر.
وتشير حنين التي تبلغ السابعة عشرة الآن، إلى أن وقوف والدتها معها ومساعدتها في تخطي الأمر من خلال استماعها إليها وإيجاد طرق للرد على منتقديها، هو الأمر الذي ساهم بتخفيف المشكلة بشكل كبير.
حالة حنين، هي واحدة من حالات أخرى متعددة نسمع عنها أو نشاهدها بشكل شبه يومي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تكون نتيجتها وفق اختصاصي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع، السخرية والمضايقات والتهديدات والتحرش الذي قد يتعرض له مستخدمو هذه المواقع، وخصوصا المراهقين في ظل التطور التكنولوجي وانتشار الإنترنت.
وتظهر نتائج التنمر الالكتروني على الضحايا، من التراجع في التواصل، والاكتئاب والخوف أحيانا ومن الممكن أن يصل به إلى الإدمان أو الانتحار.
وتتفق الاختصاصية النفسية والمختصة في شؤون الاطفال الدكتورة أسماء طوقان، مع جريبيع بشأن آثار التنمر، مشيرة إلى احتمالات ردة فعل عكسية على المدى البعيد، بالتحول إلى العنف والانتقام والتنمر على الآخرين.
ويعرف مستشار الطب الشرعي والخبير في حقوق الطفل والوقاية من العنف الدكتور هاني جهشان التنمر، بأنه سلوك عدائي متكرر من معتد أو أكثر على الطفل الضحية بوجود تفاوت حقيقي أو منظور بالقوة بينهما، وبشعور الضحية بالعجز والضعف بالدفاع عن نفسه وبسيطرة المعتدى عليه، وهناك تقاطع كبير ما بين التنمر الذي يحدث مباشرة ضد الطفل بالمدرسة، والتنمر الذي يتم من خلال الانترنت. ويشير جهشان إلى أن الإحصائيات تبين أن ثلث مستخدمي الانترنت على المستوى العالمي هم بعمر أقل من 18 سنة.
والتنمر الإلكتروني أقرب ما يكون لـ “البلطجة”، التي تليق بصفة الفعل وأثره أكثر من مسمى التنمر، وفق الاستشارية في مجال التوعية بثقافة استخدام الإنترنت هناء الرملي التي تبين أن مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الالكترونية بيئة خصبة للتنمر من خلال المضايقات والملاحقات، السبّ أو القذف، التشهير، الاستثناء، التهديد الإلكتروني، الدردشة، التحرّش الجنسي.
كمال محمد، طالب في الصف الأول الثانوي، كان يسهر مع أصدقائه كل ليلة، يلعبون ويضحكون ويرقصون، ويمثلون بعض المقاطع الكوميدية الواردة في الأفلام. وفي إحدى الليالي وبينما كمال يرقص ويؤدي حركات كوميدية ساخرة، صوره أحد الجالسين من دون أن يدري.
أرسل الشاب المقطع إلى كمال يهدده، إما أن يدفع مبلغا ماليا، أو ينشر المقطع عبر فيسبوك، لم يعره كمال اهتماما، وبعد نحو أسبوع تفاجأ بانتشار المقطع و “وصل إلى أمي من إحدى جاراتها وإلى أبي من أحد أصدقائه، وبدأ ينتشر عبر جروبات الواتساب باعتباره لشخص يتعاطى المخدرات”.
يقول، “تعرضت لنبذ من أهلي، ولم يصدقوا أنني لا أتعاطى المخدرات، حتى ذهبنا إلى مركز فحص الإدمان، وثبت أني بريء، وقدمنا شكوى وتم التعامل مع الشاب الذي ابتزني، بعدما أرفقت الشكوى بكل ما دار بيني وبينه عبر فيسبوك”.
وفي هذا السياق تقول الرملي، يجب أن يكون الشخص مؤهَّلاً ومستعدّاً لمواجهة التنمر، وقادراً على التخلّص منه وحماية نفسه من خلال الثقة بالنفس، وامتلاك دليل لإدانة المتنمر، إخبار من تثق بهم بالحادثة، إبلاغ الشرطة في قسم الجرائم الإلكترونية، عدم محاولة الانتقام، حَجْب (بلوك).
وناقش مجلس النواب خلال الدورة الاستثنائية مشروع قانون الجرائم الالكترونية، الذي “جاء نظرا لإساءة استخدام البعض لوسائل الاتصالات بعد اتساع نطاق استخدام الشبكة المعلوماتية سواء في وسائل التواصل الاجتماعي او تطبيقات برامج الاجهزة الذكية، بالإضافة الى ما اظهره التطبيق العملي من الحاجة إلى تجريم بعض الافعال غير المجرمة بموجب قانون الجرائم الالكترونية النافذ كالحماية الجزائية فيما يتعلق بجرائم الاستغلال الجنسي”.
وتضمن مشروع القانون المعدل على انه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل على ثلاثة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد على 3000 دينار كل من استخدم الشبكة المعلوماتية او الموقع الالكتروني او نظام المعلومات في ابتزاز شخص لحمله على القيام بفعل او الامتناع عنه”. إلى ذلك، يعاقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل استخدم الشبكة المعلوماتية او الموقع الالكتروني او نظام المعلومات لخرق الحياة الخاصة للآخرين”.
ويقول جريبيع، عند حصول المشكلة على الأهالي أن يكونوا واسعي الصدر وأن يبحثوا على الحل، إما عن طريق الشكوى أو استخدام الوسائل التكنولوجية التي تحد من حالات التنمر كحظر الاشخاص غير المرغوب بهم من حياة أبنائهم في العالم الافتراضي.
أما طوقان، فتشير إلى أهمية الحرص على متابعة الطفل ومراقبته، وعدم حرمانه من الأجهزة الالكترونية في حال تعرضه إلى التنمر لأن الحرمان قد يجنب الطفل التحدث عن مشاكله لأهله، مع أهمية الإبلاغ عن مشكلة التنمر الالكتروني للجهات المعنية حتى لا يشعر الطفل بالظلم وعدم أخذ حقه.
ويذكر جهشان وجود عدة أنواع من التحرش، ومنها الكلامي باستخدام عبارات او ألقاب او صور توجه لطفل معين بقصد ازعاجه، وتشويه سمعته وتهديده، واستهداف الطفل واستغلاله جنسيا، ومن ثم التشهير به.
وتتحدث الرملي عن دراسات عالمية تثبت أن هناك طفلا من 5 أطفال يقع ضحية للتنمر والتحرش الجنسي عبر الإنترنت، وأن مراهقة من كل أربع مراهقات على الإنترنت تقع ضحية التحرش الجنسي، وأن هناك 750 ألف متحرش جنسيا بالأطفال عبر الإنترنت في العالم في الدقيقة الواحدة فقط. وفيما تبين الرملي، أنه لا يوجد دراسات وإحصائيات في الوطن العربي حول الأطفال والناشئين الذين يتعرضون للتحرش والتنمر عبر الإنترنت، يقول جهشان إن التنمر في الاتفاقيات العالمية، “ورد في تعليق لجنة حقوق الطفل في جنيف وهي المرجعية الأممية لتطبيق اتفاقية حقوق الطفل، والذي يحمل رقم 13 لسنة 2011، إذ ورد ان التنمر شكل من أشكال العنف. 
صحيفة الغد
ديمة مجبوبة

ليست هناك تعليقات: