الخميس، 27 ديسمبر 2018

الاستخدام السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي يعكس سطحية التفكير هناء الرملي



عمان- تسللت ثورة التكنولوجيا إلى كل بيت، ولا سيما استخدام مواقع التواصل الإجتماعي المتنوعة فاستخدمها الشباب بطريقتهم، فمنهم من جعلها “منصة” لعرض أعماله وتقديمه إلى المجتمع بشكل أكبر وأوسع، وأصبح من خلالها “نجما”.
وهناك من استسلم لاتجاهاتها السلبية، فأصيب بالسطحية، وإدمان المتابعة والتصفح على صفحاتها دون إثرائه بأي محتوى أو معلومة مفيدة.
بقاء الشباب على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي مثل: الفيسبوك، الانستغرام، والسناب شات.. وانجذابهم لها ساعات متتالية عبر المواقع والصفحات الخالية من أي محتوى فكري مهم، ومقتصرة فقط على صفحات الموضة والازياء والألعاب والصور، جعلت الشباب لا يملكون أي ثقافة فكرية أو حتى معلومة عامة تفيدهم، وهذا ما يؤكده الاختصاصيون.
ولعل ذلك لا يقتصر على فئة صغيرة في المجتمع، فهناك وبحسب احصائيات عالمية وتقديرات يبلغ عدد مستخدمي الفيسبوك في الأردن 5,7 مليون حساب، وعلى تويتر هناك ربع مليون مستخدم، أما الانستغرام فهناك ما يقارب مليون مستخدم، ومليون آخرون على سناب شات.
هذا الأمر يشعر الوالدة هناء عوض بالاستياء، وتعتبر أن السوشال ميديا أمر سلبي جداً، وتتمنى التخلص منه في أسرع وقت، والسبب هو ابنتها البالغة من العمر (24 عاما)، إذ تصفها بأنها لا يشغل بالها سوى الموضة والأزياء “والفاشنيستا”، وكل تلك الأمور السطحية، والتي تجعلها تمضي ساعات طويلة على صفحات الأزياء عبر تطبيق الانستغرام.
وتتمنى هناء أن ترى ابنتها تحمل كتاباً تقرأ فيه شيئاً مفيداً، أو تتابع أمراً مهماً يزيدها علما ومعرفة، مبينة أنها أحياناً تسألها عن أبسط المعلومات العامة التي قد يعرفها أي شخص، ولا تستطيع الرد وتقول: “لا أعرف.. لا يهمني”.
وتتابع الأم باستياء، “أغلب أحاديثها مقتصرة ماذا ارتدت تلك الفتاة، كيف شاركت صورتها على الانستغرام.. عدد اللايكات التي حصلت عليها بسبب ارتدائها لحذاء معين.. على الألوان التي طرحها أحد الحسابات على الانستغرام والفاشنيستا.. ماذا ارتدت اليوم وكيف يمكن أن تقلدها وتبحث عن شيء يشبهه”.
وترى هناء أن هذه المواقع دمرت أبناءنا، وجعلتهم سطحيين وضحلين فكرياً، خصوصاً أنهم يقضون أغلب الأوقات بمتابعتها، مما جعل عقولهم وتفكيرهم منحصرا في صغائر الأمور.
ويعترف الشاب فادي عالي أن الوقت يسرقه لتفقد صفحاته عبر الفيسبوك والسناب شات دون أن يشعر أو يستفيد شيئا مفيدا أو مهما.
فأغلب الوقت يقضيه في تداول الفيديوهات المضحكة، أو عمل “منشن” على نكت، وايفيهات أو تبادل الفيديوهات على السناب شات والتصوير، مما دفع عائلته لإنتقاده وتوجيهه بأنه يهدر وقته بلا فائدة.
ومع مرور الوقت اكتشف فادي لدى جلوسه مع زملائه وأصدقائه بأنه لا يملك أي معلومة مفيدة أو معرفة بحدث ما يعلم عنه الجميع، وهذا الأمر بات يشعره مؤخراً بالحرج الكبير، وبأنه “شخص فارغ” بعض الشيء، ولا يمكن أن يستمر بهذه التفاهات على الاطلاق.
وحول ذلك ترى خبيرة التكنولوجيا الاختصاصية هناء الرملي أن هناك عدة أمور متاحة لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تجعلهم يظهرون كما لو أن لديهم حدا معينا من الثقافة في الوقت الذي لا يمتلكون حدا أدنى منها.
وتقول، هناك عدة عوامل ساعدت على ذلك منها سهولة الحصول على المعلومة من محرك البحث غوغل، فيبدون بمنشوراتهم أنهم على قدر من الثقافة والمعلومات أمام متابعيهم، بالإضافة إلى سهولة الحصول على الاقتباسات والأقوال من المواقع المتخصصة أو من مواقع التواصل نفسها، وسرقة منشورات الآخرين بعمليتي القص واللصق بدون ذكر المصدر، فيظهرون كما لو أنهم هم كاتبوها والتصاميم المتاحة للقصص والحكم والأمثال وغيرها وسهولة نشرها ومشاركتها.
وتضيف “إلى جانب نشر صور وأخبار الفنانين ولاعبي الرياضة وغيرهم، ومشاركتها من الصفحات، ونشر صور وبطاقات الزهور وفناجين القهوة وشروق الشمس والتحيات الصباحية والمسائية وانتشارها على صفحات الجميع، وكأنه لا محتوى غيرها على مواقع التواصل الاجتماعي”.
كذلك المحادثات الخاصة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، كما تقول الرملي، التي تدور في فلك التعارف الشخصي، لا للتبادل الثقافي والإفادة من خبرات الغيرة، موضحة أنه “على الأغلب تتخللها تجاوزات للخطوط الحمراء، حيث تتم ممارسة التحرش الجنسي من إرسال عبارات وصور ومقاطع فيديو غير أخلاقية”.
وتشير الرملي إلى أن هناك أسئلة ومسابقات وألعاب في غاية السطحية، وأحيانا قد تكون لا أخلاقية بهدف التعارف بين الجنسين في صفحات ومجموعات الشباب من كلا الجنسين، والتي يهدف ناشروها إلى جذب المتابعين والأعضاء للمشاركة.
وتلفت، المشكلة تكمن في الأشخاص الذين يقومون بنشر هذه المنشورات السطحية، فهم يجدون من يعجبون بها ويشجعونهم ويصدقون هذا الوهم ويحيطون أنفسهم به.
وتعتبر الرملي أن من الظواهر الشائعة أن منشورا ليس له أية قيمة، قد يصل إلى آلاف المتابعين، ويتداولونه فيما بينهم، ظنا منهم أنه ذو قيمة.
ويذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة الى أن مواقع التواصل الاجتماعي حققت ايجابيات عديدة، الا أن القضية هنا هي قضية سلوك وأساليب التنشئة التي باتت تعتمد على الاستعراض أكثر من قراءات مستقبل الأبناء، فباتت الأجهزة الالكترونية هي أول ما يوفره الأهل، والتي تحمل عليها كل المواقع.
ولا يلقي مطارنة بالمسؤولية على مواقع التواصل، بل على العكس يرى أن هذه المواقع قدمت الكثير من التسهيلات، إلا أن أساليب التنشئة والتعامل معها هي الخطأ، والتي لا تراعي الجوانب السيكولوجية والتطورات النمائية للأطفال.
ويقع على الأهل دور مهم، من وجهة نظره، فهم القدوة والنماذج الحقيقية لأبنائهم حتى يتعلموا المعاني والقيم الأخلاقية، ويرى أن الابن لا يمكنه الحصول على الهاتف النقال قبل عمر 18 عاما، فيجب أن يدخل هذه المواقع وهو على دراية في كيفية التعامل معها، وأن أي معلومة ليس لها مصدر لا يتم الأخذ بها.
ويرى مطارنة أنه لا بد من النمذجة والوعي والحوار مع أساليب التنشئة لتحقيق وعي كاف في التعامل مع هذه المواقع، وأن تكون هذه الأجهزة تحت الرقابة التامة، وأن ينظم الوقت للأبناء بأن تكون هناك ساعات محددة للتعامل مع الأجهزة، وأن يعرف الكبار كيف يتم التعامل مع هذه المواقع ليتعلم الآباء منهم.
ويشير إلى أنها في النهاية كلها وسائل تقدم المنفعة واستخداماتها السلبية هي انعكاسات للتربية والتنشئة، كون ما يحدث هو اقتحام الكتروني، ولا بد من التعامل معه بطريقة تجنبنا مخاطره.

ليست هناك تعليقات: